قام وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج، يوم الجمعة الماضي، بزيارة إلى الموقع الأثري "جبل إيغود" بإقليم اليوسفية.
وقال السيد الأعرج، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة هذ الزيارة للموقع المذكور والذي اكتشفت فيه بقايا عظام إنسان ينتمي لفصيلة الإنسان العاقل البدائي، أن “الوزارة تعمل حاليا على تصنيف وترتيب جبل إيغود ضمن المواقع التاريخية الوطنية والعالمية وذلك بالنظر لقيمته الأثرية باعتباره يعبر عن تاريخ البشرية جمعاء”.
وأبرز حرص الوزارة على إعادة الاعتبار لهذه المنطقة لكونها قد تكشف في السنوات القادمة عن اكتشافات عالمية وستكون ذات بعد دولي وهو ما يفرض على الوزارة الوصية “أن تأخذ بعين الاعتبار تلك المرتكزات والمنطلقات لجعل هذا الجبل موقعا أثريا يصنف ضمن المواقع الأثرية العالمية ويستقطب العديد من المكتشفين والباحثين في مجال الدراسات المتعلقة بعلوم الآثار”.
وأشار السيد الأعرج، في ذات السياق، إلى أن العديد من المؤسسات والمعاهد الدولية تولي اهتماما كبيرا لهذا الموقع الأثري الذي أضحى ذائع الصيت على المستوى العالمي بفضل الاكتشافات الأخيرة التي شهدها.
وبالمناسبة ذاتها، قام الوزير بزيارة للمركز الثقافي المتواجد بالمركز الحضري الشماعية (إقليم اليوسيفة) والذي سيتم ترميمه من قبل الوزارة بشراكة مع السلطات المحلية والهيئات المنتخبة قبل فتحه في وجه الشباب ليكون فضاء للمطالعة والقراءة وللتثقيف بالدرجة الأولى في اتجاه إعادة الاعتبار للثقافة بهذه المنطقة.
وفي هذا الصدد، صرح السيد الأعرج، أن وزارة الثقافة والاتصال تبنت سياسة ورؤية جديدتين ترتكزان على إحداث مراكز ثقافية للقرب من خلال إيجاد بنيات تحتية تتعلق بدار الثقافة.
ويتوخى من تأهيل هذا المركز وإعادة فتحه، حسب الوزير، جعل هذه البنية منطلقا أساسيا لما يسمى ب”الصناعة الثقافية أو ثقافة القرب” على اعتبار أن هذه الثقافة ذات بعد استراتيجي ولها أهميتها في الوقت الحاضر ، وخصوصا في ما يرتبط بعلاقتها مع المجتمع وتأطير المواطنين والشباب.
وجدير بالذكر أنه سبق للسيد وزير الثقافة والاتصال أن أوضح، في لقاء صحفي سابق بمقر أكاديمية المملكة المغربية بمناسبة تقديم تفاصيل هذا الاكتشاف، أن البقايا التي عثر عليها بجبل إيغود بإقليم اليوسفية، والتي تم تحديد تاريخها باستعمال التقنية الإشعاعية لتحديد العمر، تعود لحوالي 300 ألف سنة خلت، وبالتالي فهي تعتبر أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل تم اكتشافها إلى غاية يومنا هذا، مما سيعطي للمغرب مكانة دولية متميزة في دراسة هذه الحقبة من تاريخ البشرية.وذكر السيد الوزير أنه تم اكتشاف موقع "جبل إيغود" بإقليم اليوسفية بجهة مراكش تانسيفت في بداية الستينات، عن طريق الصدفة، مشيرا إلى أنه يمكن تقسيم البحث الأثري بهذا الموقع إلى مرحلتين، بدأت أولها من ستينيات القرن الماضي، وعرفت تدخلات الجيل الأول من الباحثين في الموقع، حيث تم خلالها العثور على بقايا إنسان ومجموعة حجرية تعود للعصر الحجري الوسيط لها خصوصيات مورفولوجية بدائية، غير أنه لم يكن بالإمكان تدقيق تاريخها وبالتالي فإنها لم تعط نتائج مرضية تجيب على إشكالية ظهور الإنسان العاقل. أما المرحلة الثانية، والتي بدأت منذ سنة 2004 بمشاركة جيل جديد من الباحثين، فقد استهدفت تأريخ الموقع من خلال تسخير الإمكانيات والتقنيات المتطورة، وكذا الحصول على بقايا إنسان إضافية في أفق ربطها استراتيغرافيا وصنفيا وفرديا بالبقايا السابقة للحصول على مجموعة بقايا متكاملة.
وأكد السيد الوزير أن وزارة الثقافة والاتصال ستسهر على حماية الموقع وتسهيل تنظيم زيارات ميدانية لفائدة الخبراء والإعلاميين المغاربة والأجانب، لتسليط الضوء على هذا الحدث العلمي العالمي الجديد، موضحا أن عمليات التنقيب والبحث ستتواصل في أفق العثور على بقايا أخرى للوصول إلى مجموعة متحفية متكاملة.
وللإشارة، فإن هذا الاكتشاف العلمي تم في إطار برنامج بحث علمي يسهر على تنفيذه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، التابع لوزارة الثقافة والاتصال، بتعاون مع معهد ماكس بلانك بألمانيا، تحت إشراف الأستاذين عبد الواحد بن نصر عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجان جاك يوبلان، عن معهد "ماكس بلانك" للأنثروبولوجيا التطورية بألمانيا، واللذين وشحهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لعيد العرش، لإسهامهما في عملية اكتشاف بقايا أقدم انسان ينتمي لفصيلة الإنسان العاقل البدائي من فصيلة "أوموسابيان".